حكم أخذ الأجــرة على الرقية
والتفرغ لعلاج الناس
مقدمـة
أجرة الراقي
كثر الكلام والجدل والكتابات والردود حول موضوع أجرة الراقي ومايأخذه الراقي ويطلبه من المرضى وخاض الكثير فيه سواء كانوا من اهل العلم أو عوام الناس ولتفرق الموضوع وانقسام الناس في هذا الموضوع بين ناقد وساكت ومؤيد أحببت أن أطرح الموضوع كاملاً بإذن الله حتى لايكون هناك لبس ولا جهل وحتى لايقع الناس في أعراض الآخرين .
اتقوا الله
كم نسمع ونقرأ كثيراً عن الرقاة ومايأخذونه من أموال مقابل الرقية وكأنهم يسرقون الناس ويبتزونهم ويستغلوهم فتسمع عبارات منها
* إنهم يسرقون الناس * يخدعون الناس * يستغلون ضعفهم وحاجتهم* لايجوز أخذ مقابل * لايأخذ إلا إذا أعطاه المريض بطيب نفسه* يعطى هدية وليس أجرة لأن القرآن لايتاجر به* لايعطى إلا بعد الشفاء* لايقرؤون لله بل للمال * فلان يأخذ فلوس رقيته لاتنفع ............. الخ ولا نقول إلا اتقوا الله في أعراض الناس ولاتحكموا على أحد حتى تعلموا حكم أخذ الأجرة على الرقية
سبب هذا الأقوال
1- جهل الناس بحكم أخذ أجر عن الرقية.
2- مايقع من بعض الرقاة في المبالغة في الأجر.
3- حسد البعض على مايأخذه الراقي.
4- بعض الفتاوى التي لم توضح هذه المسألة .
سبحان الله
- لماذا تكون النقمة شديدة مع أن الراقي لم يجبر مريضاً ولم ينتزع منه ماله بالقوة مع أن عمل الراقي قد يختلف عن عمل الطبيب إذ أن الراقي يقرأ القرآن وينفث مثلاً وهذا الأمر يستطيع المريض أن يفعله بنفسه ويكون طبيب نفسه أو أحداً من أهله يقوم بالقراءة والدعاء له بخلاف حال الطبيب والجراح الذي لايستطيع المريض أن يعمل عمله فلا يستطيع أن يجري لنفسه عملية جراحية ولا فحوصات مخبرية ولا ..ولا.. الخ ومع ذلك لاتجد النقمة على الطبيب مثل النقمة على الراقي بل يأتي المريض إلى الراقي وقد خسر آلافاً مؤلفة وعمل عشرات العمليات ثم ينقم من الراقي إذا طلب منه جزء من مائة جزء مما دفعه للمستشفيات والأطباء الذين قطعوه واستأصلوا منه مااستأصلوه
سبب محاربة الرقاة الحقيقي هو المال المال
بعد بحث وتقصي حول أسباب محاربة الرقاة وجدنا أن أقوى الأسباب الرئيسية بعد مسألة أن الراقي من أهل السنة هو المال بمعنى أن الراقي إذا لم يأخذ مقابل رقيته شيئاً قالوا عنه مخلص وزكوه وإذا كان يرقي ويعطي العلاج بالمجان كان أعلى مرتبة ولا يحاربه أحد ولا يتكلم في حقه أحد وهذا مشاهد وملاحظ
هل أخذ المال مقابل الرقية حلال أم حرام ؟
أخذ المال مقابل الرقية حلال وليس حراماً والعجيب أنك بعد أن تفهم المسألة وتعلم الحكم الشرعي فيها وأقوال العلماء بالجواز والإباحة أنك تخرج بنتيجة عجيبة أن الرقاة محسودون في المال الذي يأخذوه .... نعم والله ، وإذا سألت كيف هذا ؟ قلت سواء أخذ قليلاً أو كثيراً فإنه لايسلم
إذا أخذ كثيراً قالوا كم دخله الشهري بل اليومي
إذا أخذ قليلاً قالوا لاتنظر لقلة مايأخذ ولكن انظر على كم يقرأ
وحكم الناس على الرقاة للأسف حسب مايسمعون من الآخرين ويقرؤون في الصحف والمجلات ويقيسون كل الرقاة على ميزان واحد
وهذا خطأ فالرقاة أقسام
1-قسم بحاجة للمال ويتقي الله فيما يأخذه من الناس مقابل الرقية ولايرهقهم بقيمة العلاج.
2-قسم يتاجر بالرقية وقد يزعم أنه لايأخذ مقابلاً على الرقية ولكنه يأخذ أضعاف مضاعفة بما يبيعه من علاج .
3-قسم أغناه الله وقد يكون مدعوماً من بعض التجار فلا يأخذ بل يعطي العلاج بلامقابل لأنه تبرع من المحسنين أو من بعض المرضى الذين شفاهم الله.
أشققت عن قلبه
جاء في "الصحيحين" (صحيح الإمام البخاري " (7/517) كتاب المغازي و "وصحيح الإمام مسلم " (2/99) كتاب الإيمان) عن أسامة بن زيد – رضي الله تعالى عنه – قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية ، فصبحنا الحرقات من جهينة ، فأدركت رجلا فقال : لا إله إلا الله ، فطعنته . قال : قلت : يا رسول الله إنما قالها خوفا من السلاح . قال : اشققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا ؟!! فما زال يكررها حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ"
مااسرع حكم الناس على الرقاة في أخذ الأموال والحكم على نياتهم بأنهم يقرؤون من أجل المال وكأنهم شقوا عن قلوبهم - فإذا كان الأمر الذي وضح للصحابي من ذلك الكافر الذي نطق بالشهادتين بأنه نطقها خوفاً من القتل نبذه ورده رسول الله صلى الله عليه وسلم وشدد في فعل أسامة ويكرر عليه أشققت عن قلبه ...أشققت عن قلبه
حقيقة عمل الراقي
أكثر الناس بمختلف طبقاتهم يظنون أمر الرقية أمر سهل وأن أى أحد يستطيع أن يرقي أو بالأصح أن يستمر في الرقية بدون أذى من الأرواح الخبيثة
يقول ابن تيمية مجموع الفتاوى الجزء 19: إذا كان الجن من العفاريت والمعالج ضعيف فقد تؤذيه، فينبغي لمثل هذا أن يتحرز بقراءة المعوذات والصلاة والدعاء ونحو ذلك مما يقوي الإيمان ، ويجتنب الذنوب التي بها يستطيلون عليه ، فانه مجاهد في سبيل الله ، وهذا من أعظم الجهاد ، فليحذر أن ينتصر العدو عليه بذنوبه
قال ابن القيم وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذا اشتدت عليه الأمور : قرأ آيات السكينة . وسمعته يقول في واقعة عظيمة جرت له فى مرضه تعجز العقول عن حملها: من محاربة أرواح شيطانية ظهرت له إذ ذاك: في حال ضعف القوة، قال: فلما اشتد عليَّ الأمر قلت لأقاربي ومن حولي: اقرأوا آيات السكينة، قال: ثم أقلع عني ذلك الحال، وجلست وما بي قَلَبَة. وقد جربت أنا أيضا قراءة هذه الآيات عند اضطراب القلب مما يرد عليه، فرأيت لها تأثيرا عظيما في سكونه وطمأنينته.
فحقيقة عمل الراقي حرب شديدة حرب ضروس لايعرفها إلا من خاضها ودخل فيهافلا أظن أحداً يجازف بنفسه من أجل المال وأضرب لهذا مثلاً حقيقياً حدث معي ((قلت لأحدهم أريد منك أن تضرب عدواً لي يؤذيني مقابل 300 ريال ولكنه قوي وشبهت له بأحد المارة فماذا كان جوابه ! قال تريد مني أن أهلك نفسي مع هذا الشرير قلت له مقابل 300 ريال .. قال ولا 500 ريال لماذا أجني على نفسي فقلت له كيف لو كانوا مائة رجل قال أظنك تستهزئ ولا مال الأرض يجعلني أقف مثل هذا الموقف فقلت له أوتظن أن مايأخذه الراقي في محاربة الشياطين والسحرة يقابل ويساوي شيئاً من عمله ؟ فخجل وقال والله إلا أن يحتسب الأجر مع مايأخذه .
بعض الأسباب في أخذ الأجرة مع جوازها
هناك بعض الأمور التي لابد من ذكرها في أخذ أجرة من المرضى مع جواز الأخذ كما سيأتي في الفتاوى فمنها:
1- حاجة كثير من الرقاة لأن أمر الرقية يعطل مصالح كثيرة فالراقي كقسم الطوارئ في المستشفيات ولكن مع الفرق ذلك أنه وحده في القسم.
2- الراقي ليس متسولاً أو شحاتاً لينتظر أعطاه فلان أو لم يعطه بل هو محسن للآخرين (يأتي المريض وهو مضطر محتاج ثم يرى أنه هو المتفضل على الراقي إن أعطاه شيئاً)
3- وضع الرسوم مهم جداً لأسباب وناقشت فيها بعض من لايطلب من المرضى وكانت كالآتي فى الجدول فى اسفل :
فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والى الرسول
أقول وبالله التوفيق ميزاننا شرعنا وكلام خالقنا وحديث نبينا عليه الصلاة والسلام فقد قال (إن أحق ماأخذتم عليه أجراً كتاب الله) البخاري(قد أصبتم واضربوا لي منها بسهم)فإذا كان أحق الناس بالأجر هو الراقي بل سماه أجر ولم يقل هدية أو هبة أو فضل بل أجر يعني أجرة ...ثم يأتي الزمان الذي يصبح فيه الراقي ليس له حق في الأجر وإلا أصبح متهماً في إخلاصه الذي لايعلمه إلا الله(أشققت عن قلبه)يأتي مدرس الدين ليأخذ الأجرة على تعليمه ودليله في ذلك حديث الرقية أما الراقي في نظر الناس لابد له أن يتورع ولا أدري أي ورع يفوق ورع الصحابة رضوان الله عليهم وورع رسول الله عليه الصلاة والسلام فقد كانوا يتمنون الطعام فبعد أن رقوا ذلك المريض كان نصيبهم ثلاثين وفي بعض الروايات مائة شاة أين الورع ؟ هل يستطيع أحد أن يقول لماذا لم يأخذوا اثنين أو خمسة من الغنم ويردوا الباقي أو لماذا لم يأمرهم نبيهم أن يردوا مازاد عن حاجتهم بل إنه أقرهم بل وطلب منها فقال اضربوا لي منها بسهم ليبين أنها حلال لاشبهة فيها وهو الذي كان لايلتقط التمرة الساقطة خشية أن تكون من مال صدقة
إخواني كل من يأخذ أجراً على صنعته وعمله الراقي أحق بالأجر منه بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطي مرة شاتين في قصة الغلام قال فأخذ واحدة ورد الأخرى فلماذا أخذ ولماذا لم يجعل ذلك لله كما يظن البعض والصحيح أن له أن يأخذ وله أن يطلب الأجر أو الجعل وهذه التي مافهمها أكثر الناس مافهموا الفرق بين الجعل والأجر الجعل أن تطلب شيئأً محدداً مقابل العمل الذي تنجزه ولا تستحق الأجر عليه إلا بإنجازه فإذا قلت أنا آخذ كذا مقابل أن يشفى أو بعد أن يشفى واشترطت فهذا لابأس فيه والوجه الآخر أخذ أجر معلوم وأجارة على الوقت الذي تقدمه في الرقية وهذا اجازه العلماء .جاء في سبل السلام للصنعاني ـ الأجرة ج2( وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ { إنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ } . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ )إلى أن قال وَذِكْرُ الْبُخَارِيُّ لِهَذِهِ الْقِصَّةِ فِي هَذَا الْبَابِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ الْأُجْرَةِ عَلَى التَّعْلِيمِ وَإِنَّمَا فِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ أَخْذِ الْعِوَضِ فِي مُقَابَلَةِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لِتَأْيِيدِ جَوَازِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ تَعْلِيمًا أَوْ غَيْرَهُ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ قِرَاءَتِهِ لِلتَّعْلِيمِ وَقِرَاءَتِهِ لِلطِّبِّ
أما كم يأخذ المعالج قليل أم كثير فأقول من هو الذي يحدد ؟ إن الذي يحدد صاحب الشأن وهو الراقي ولكن كم يأخذ عشرة أم مائة أم ألفاً نقول هو أدرى (حسب حاجته) ولايظن أحد أن الراقي لايساعد الناس ولكننا نستمع دوماً من طرف واحد ونستمع إلى الجانب المعاكس وهو (المتشكي بسب المال) هناك من المعالجين من يصرف علاجاً بالمجان يباع لغيره بستمائة ريال يصرف العسل والزيت والماء بالمجان لبعض من يرى أنه محتاج بل وينفق نقوداً مما يأخذه من بعضهم صدقة عنهم ثم إن أكثر الرقاة يحتاجون لمال ليستأجر به مكاناً للرقية أحدهم إستأجر مكاناً بسبعين ألف للسنة وآخر بأربعين ألفاً لماذا(لأنه لابد أن يكون بيتاً منفصلاً عن الناس من أجل المشاكل ودخول الناس وخروجهم وحتى لايزعج الناس ويروعهم مما يرون ولايستطيع الراقي أن يفصل لكل الناس حاجته أو أن يكتب قصته ثم إن عليه أن يعطي لمن يقوم بخدمته ومساعدته وصرف الدواء للمرضى وتنظيف المكان إلى غير ذلك من أمور ثم مسألة أخرى هي تفاوت الرقاة في العلاج فهناك رقاة قد لايأخذ أحدهم شيئاً ولكنه يخرج ذلك من ثمن العلاج فقد يكون تكلفة العلاج بمائة ريال ويبيعه بستمائة ريال أو أكثر ولاأبالغ فهنا نقول له الأفضل أن تضع رسوماً وأجرة على قراءتك ولاتبع العلاج بهذه المكاسب وهناك رقاة لايأخذون شيئاً ولكنه إذا قرأ لايزيد عن خمس دقائق وهناك رقاة يأخذون أجرة على قراءتهم ولكنهم يعطون الحالة حاجتها ومع ذلك يراعون حالة بعض المرضى الذين تشق عليهم أجرة الراقي ثم إن الرقاة يتفاوتون في علمهم وعلاجهم فإذا وجد من الرقاة الأكفاء من يطلب الأجر فلابأس ألا ترون إلى الطبيب الإستشاري كم يطلب ! مقابل ماذا مقابل أن ينظر في الفحوصات ثم يقول نعم أو لا ولا ينكر أحد على ذلك لخبرته ثم إنا لم نسمع أحداً يقول لطبيب أو مدرس أومهندس أومدير لم تأخذ أجرة على عملك أو إعمل ابتغاء الأجر من الله فلماذا نقول ذلك للراقي
التفرغ للرقية وامتهانها
عنوان قد لايعجب الكثير وخاصة من عافاهم الله أو من لايعلم واقع مايجري في العالم من انتشار السحرة وقد يقول قائل ماالحاجة لفتح دور للرقية مع أن بعض العلماء تفطنوا لما يجري فها نحن كل يوم نسمع عن القبض على ساحر أو ساحرة أو مشعوذ - وبعض الغيورين على السنة جزاهم الله خيراً ونحن على نهجهم يرون أن الصحابة لم يتفرغوا لهذه الأمور كما يحدث في هذا الزمان
فأقول باتت الحاجة ماسة فتح دور الرقية وتقنينها والتفرغ لهذا من أهل الإختصاص ودعمهم لأمور 1- كثرة السحرة وانتشارهم بخلاف ماكان زمن الصحابة فقد ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه كتب إلى أمراء الأجناد أن يقتلوا كل من وجدوا من السحرة ، حتى يتقي شرهم ، قال أبو عثمان النهدي : ( فقتلنا ثلاث سواحر ) ، هكذا جاء في صحيح البخاري عن بجالة بن عبدة – [رواه أبو داود بإسناد صحيح وأصله في "البخاري"] ثلاث سحرة في بلاد الإسلام فكيف إذا كان في مدينة واحدة كجدة مثلاً أو مكة آلاف السحرة من البلاد ومن خارج البلاد
2- إن أبناء المسلمين يتعلمون السحر الآن حتى في المدارس المتوسطة تضبط كتب السحر الكبيرة
3- كثير من المسلمين قد وقع عبر القنوات في الكهانة والعرافة وتعلم السحر نساء ورجالاً
4- كثرة المصابين سواء بأمراض روحية أو عضوية
5- البديل للجوء الناس للسحرة يستوجب وجود أماكن للعلاج الشرعي فبدل أن يتجه المريض لساحر يتجه لراقي شرعي
6- لابد من التفرغ حتى يضبط الأمر (فكم من المرضى يتجه لغير المتفرغين من الخيرين فيعتذر منه بإنشغاله في عمله أو دراسته أو تجارته).
7- قلة من يرقي وقلة المتمرسين في الرقية (فمثلاً 30 راقياً منهم 10 متمرسين هل يكفون لتغطية منطقة يعمرها 5 ملايين نسمة.
8- لجوء كثير من الناس للتداوي بالقرآن سواء كان مرضاً روحياً(عين سحر مس ) أو كان مرضاً عضوياً (سرطان شلل صرع ونحوه) وخاصة بعد أن وجدوا نتائج عظيمة.
9- كيف يكون الراقي متمرساً إذا لم يتفرغ وكيف يكتسب الخبرة إذا لم يتفرغ .
10- لابد من التفرغ مقارنة لتفرغ الكثير للطب ومع ذلك لم يغطوا احتياجات المرضى.
11- فتاوى العلماء وعدم إنكارهم على الرقاة .
أقوال العلماء
أولاً الفرق بين أجرة الراقي ومعلم القرآن والداعية
الفتاوى الكبرى ابن تيمية الجزء الخامس –الأجرة
وَيَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ الْأُجْرَةَ عَلَى تَعْلِيمِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَنَحْوِهِمَا إنْ كَانَ مُحْتَاجًا وَهُوَ وَجْهٌ فِي الْمَذْهَبِ , وَلَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَإِهْدَائِهَا إلَى الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْإِذْنُ فِي ذَلِكَ . وَقَدْ قَالَ الْعُلَمَاءُ إنَّ الْقَارِئَ إذَا قَرَأَ لِأَجْلِ الْمَالِ فَلَا ثَوَابَ لَهُ , فَأَيُّ شَيْءٍ يُهْدَى إلَى الْمَيِّتِ وَإِنَّمَا يَصِلُ إلَى الْمَيِّتِ الْعَمَلُ الصَّالِحُ , وَالِاسْتِئْجَارُ عَلَى مُجَرَّدِ التِّلَاوَةِ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ , وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى التَّعْلِيمِ وَلَا بَأْسَ بِجَوَازِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى الرُّقْيَةِ وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ .
أنوار البروق في أنواع الفروق ـ القرافي المالكي / ج4 مايملك بالإجارات
وَاتَّفَقُوا عَلَى إبْطَالِ كُلِّ مَنْفَعَةٍ كَانَتْ فَرْضَ عَيْنٍ عَلَى الْإِنْسَانِ بِالشَّرْعِ مِثْلُ الصَّلَاةِ , وَغَيْرِهَا , وَاخْتَلَفُوا فِي إجَارَةِ الْمُؤَذِّنِ عَلَى الْأَذَانِ فَقَوْمٌ لَمْ يَرَوْا فِيهِ بَأْسًا , وَقَوْمٌ كَرِهُوا ذَلِكَ مُحْتَجِّينَ بِمَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم { اتَّخِذُوا مُؤَذِّنًا لَا يَتَّخِذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا } وَالْمُبِيحُونَ قَاسُوهُ عَلَى الْأَفْعَالِ غَيْرِ الْوَاجِبَةِ , وَهَذَا هُوَ سَبَبُ الِاخْتِلَافِ فِي أَنَّهُ هَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَمْ لَيْسَ بِوَاجِبٍ , وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ فَأَجَازَهُ قَوْمٌ مُحْتَجِّينَ بِمَا رُوِيَ عَنْ { خَارِجَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ عَمِّهِ قَالَ أَقْبَلْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَيْنَا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَقَالُوا إنَّكُمْ جِئْتُمْ مِنْ عِنْدِ هَذَا الْحَبْرِ فَهَلْ عِنْدَكُمْ دَوَاءٌ أَوْ رُقْيَةٌ فَإِنَّ عِنْدَنَا مَعْتُوهًا فِي الْقُيُودِ فَقُلْنَا لَهُمْ نَعَمْ فَجَاءُوا بِهِ فَجَعَلْت أَقْرَأُ عَلَيْهِ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً أَجْمَعُ بُزَاقِي ثُمَّ أَتْفُلُ عَلَيْهِ فَكَأَنَّمَا نَشِطَ مِنْ عِقَالٍ فَأَعْطَوْنِي جُعَلًا فَقُلْت : لَا حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْته فَقَالَ كُلْ لَعَمْرِي مَنْ أَكَلَ بِرُقْيَةِ بَاطِلٍ فَلَقَدْ أَكَلْت بِرُقْيَةِ حَقٍّ } , وَبِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ { أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانُوا فِي غَزَاةٍ فَمَرُّوا بِحَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَقَالُوا هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ رَاقٍ فَإِنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ قَدْ لُدِغَ أَوْ قَدْ عَرَضَ لَهُ قَالَ فَرَقَى رَجُلٌ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَبَرِئَ فَأُعْطِيَ قَطِيعًا مِنْ الْغَنَمِ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ بِمَ رَقَيْته قَالَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ قَالَ وَمَا يُدْرِيك أَنَّهَا رُقْيَةٌ قَالَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خُذُوهَا وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ فِيهَا بِسَهْمٍ } . وَكَرِهُوهُ أَيْ حَرَّمَهُ قَوْمٌ آخَرُونَ قَائِلِينَ هُوَ مِنْ بَابِ الْجُعْلِ عَلَى تَعْلِيمِ الصَّلَاةِ قَالُوا وَلَمْ يَكُنْ الْجُعْلُ الْمَذْكُورُ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ , وَإِنَّمَا كَانَ عَلَى الرَّقْيِ وَالِاسْتِئْجَارِ , وَالرَّقْيُ عِنْدَنَا جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ بِالْقُرْآنِ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ كَالْعِلَاجَاتِ , وَلَيْسَ وَاجِبًا عَلَى النَّاسِ , وَأَمَّا تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى النَّاسِ ا هـ بِتَصَرُّفٍ فَافْهَمْ
والتفرغ لعلاج الناس
مقدمـة
أجرة الراقي
كثر الكلام والجدل والكتابات والردود حول موضوع أجرة الراقي ومايأخذه الراقي ويطلبه من المرضى وخاض الكثير فيه سواء كانوا من اهل العلم أو عوام الناس ولتفرق الموضوع وانقسام الناس في هذا الموضوع بين ناقد وساكت ومؤيد أحببت أن أطرح الموضوع كاملاً بإذن الله حتى لايكون هناك لبس ولا جهل وحتى لايقع الناس في أعراض الآخرين .
اتقوا الله
كم نسمع ونقرأ كثيراً عن الرقاة ومايأخذونه من أموال مقابل الرقية وكأنهم يسرقون الناس ويبتزونهم ويستغلوهم فتسمع عبارات منها
* إنهم يسرقون الناس * يخدعون الناس * يستغلون ضعفهم وحاجتهم* لايجوز أخذ مقابل * لايأخذ إلا إذا أعطاه المريض بطيب نفسه* يعطى هدية وليس أجرة لأن القرآن لايتاجر به* لايعطى إلا بعد الشفاء* لايقرؤون لله بل للمال * فلان يأخذ فلوس رقيته لاتنفع ............. الخ ولا نقول إلا اتقوا الله في أعراض الناس ولاتحكموا على أحد حتى تعلموا حكم أخذ الأجرة على الرقية
سبب هذا الأقوال
1- جهل الناس بحكم أخذ أجر عن الرقية.
2- مايقع من بعض الرقاة في المبالغة في الأجر.
3- حسد البعض على مايأخذه الراقي.
4- بعض الفتاوى التي لم توضح هذه المسألة .
سبحان الله
- لماذا تكون النقمة شديدة مع أن الراقي لم يجبر مريضاً ولم ينتزع منه ماله بالقوة مع أن عمل الراقي قد يختلف عن عمل الطبيب إذ أن الراقي يقرأ القرآن وينفث مثلاً وهذا الأمر يستطيع المريض أن يفعله بنفسه ويكون طبيب نفسه أو أحداً من أهله يقوم بالقراءة والدعاء له بخلاف حال الطبيب والجراح الذي لايستطيع المريض أن يعمل عمله فلا يستطيع أن يجري لنفسه عملية جراحية ولا فحوصات مخبرية ولا ..ولا.. الخ ومع ذلك لاتجد النقمة على الطبيب مثل النقمة على الراقي بل يأتي المريض إلى الراقي وقد خسر آلافاً مؤلفة وعمل عشرات العمليات ثم ينقم من الراقي إذا طلب منه جزء من مائة جزء مما دفعه للمستشفيات والأطباء الذين قطعوه واستأصلوا منه مااستأصلوه
سبب محاربة الرقاة الحقيقي هو المال المال
بعد بحث وتقصي حول أسباب محاربة الرقاة وجدنا أن أقوى الأسباب الرئيسية بعد مسألة أن الراقي من أهل السنة هو المال بمعنى أن الراقي إذا لم يأخذ مقابل رقيته شيئاً قالوا عنه مخلص وزكوه وإذا كان يرقي ويعطي العلاج بالمجان كان أعلى مرتبة ولا يحاربه أحد ولا يتكلم في حقه أحد وهذا مشاهد وملاحظ
هل أخذ المال مقابل الرقية حلال أم حرام ؟
أخذ المال مقابل الرقية حلال وليس حراماً والعجيب أنك بعد أن تفهم المسألة وتعلم الحكم الشرعي فيها وأقوال العلماء بالجواز والإباحة أنك تخرج بنتيجة عجيبة أن الرقاة محسودون في المال الذي يأخذوه .... نعم والله ، وإذا سألت كيف هذا ؟ قلت سواء أخذ قليلاً أو كثيراً فإنه لايسلم
إذا أخذ كثيراً قالوا كم دخله الشهري بل اليومي
إذا أخذ قليلاً قالوا لاتنظر لقلة مايأخذ ولكن انظر على كم يقرأ
وحكم الناس على الرقاة للأسف حسب مايسمعون من الآخرين ويقرؤون في الصحف والمجلات ويقيسون كل الرقاة على ميزان واحد
وهذا خطأ فالرقاة أقسام
1-قسم بحاجة للمال ويتقي الله فيما يأخذه من الناس مقابل الرقية ولايرهقهم بقيمة العلاج.
2-قسم يتاجر بالرقية وقد يزعم أنه لايأخذ مقابلاً على الرقية ولكنه يأخذ أضعاف مضاعفة بما يبيعه من علاج .
3-قسم أغناه الله وقد يكون مدعوماً من بعض التجار فلا يأخذ بل يعطي العلاج بلامقابل لأنه تبرع من المحسنين أو من بعض المرضى الذين شفاهم الله.
أشققت عن قلبه
جاء في "الصحيحين" (صحيح الإمام البخاري " (7/517) كتاب المغازي و "وصحيح الإمام مسلم " (2/99) كتاب الإيمان) عن أسامة بن زيد – رضي الله تعالى عنه – قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية ، فصبحنا الحرقات من جهينة ، فأدركت رجلا فقال : لا إله إلا الله ، فطعنته . قال : قلت : يا رسول الله إنما قالها خوفا من السلاح . قال : اشققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا ؟!! فما زال يكررها حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ"
مااسرع حكم الناس على الرقاة في أخذ الأموال والحكم على نياتهم بأنهم يقرؤون من أجل المال وكأنهم شقوا عن قلوبهم - فإذا كان الأمر الذي وضح للصحابي من ذلك الكافر الذي نطق بالشهادتين بأنه نطقها خوفاً من القتل نبذه ورده رسول الله صلى الله عليه وسلم وشدد في فعل أسامة ويكرر عليه أشققت عن قلبه ...أشققت عن قلبه
حقيقة عمل الراقي
أكثر الناس بمختلف طبقاتهم يظنون أمر الرقية أمر سهل وأن أى أحد يستطيع أن يرقي أو بالأصح أن يستمر في الرقية بدون أذى من الأرواح الخبيثة
يقول ابن تيمية مجموع الفتاوى الجزء 19: إذا كان الجن من العفاريت والمعالج ضعيف فقد تؤذيه، فينبغي لمثل هذا أن يتحرز بقراءة المعوذات والصلاة والدعاء ونحو ذلك مما يقوي الإيمان ، ويجتنب الذنوب التي بها يستطيلون عليه ، فانه مجاهد في سبيل الله ، وهذا من أعظم الجهاد ، فليحذر أن ينتصر العدو عليه بذنوبه
قال ابن القيم وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذا اشتدت عليه الأمور : قرأ آيات السكينة . وسمعته يقول في واقعة عظيمة جرت له فى مرضه تعجز العقول عن حملها: من محاربة أرواح شيطانية ظهرت له إذ ذاك: في حال ضعف القوة، قال: فلما اشتد عليَّ الأمر قلت لأقاربي ومن حولي: اقرأوا آيات السكينة، قال: ثم أقلع عني ذلك الحال، وجلست وما بي قَلَبَة. وقد جربت أنا أيضا قراءة هذه الآيات عند اضطراب القلب مما يرد عليه، فرأيت لها تأثيرا عظيما في سكونه وطمأنينته.
فحقيقة عمل الراقي حرب شديدة حرب ضروس لايعرفها إلا من خاضها ودخل فيهافلا أظن أحداً يجازف بنفسه من أجل المال وأضرب لهذا مثلاً حقيقياً حدث معي ((قلت لأحدهم أريد منك أن تضرب عدواً لي يؤذيني مقابل 300 ريال ولكنه قوي وشبهت له بأحد المارة فماذا كان جوابه ! قال تريد مني أن أهلك نفسي مع هذا الشرير قلت له مقابل 300 ريال .. قال ولا 500 ريال لماذا أجني على نفسي فقلت له كيف لو كانوا مائة رجل قال أظنك تستهزئ ولا مال الأرض يجعلني أقف مثل هذا الموقف فقلت له أوتظن أن مايأخذه الراقي في محاربة الشياطين والسحرة يقابل ويساوي شيئاً من عمله ؟ فخجل وقال والله إلا أن يحتسب الأجر مع مايأخذه .
بعض الأسباب في أخذ الأجرة مع جوازها
هناك بعض الأمور التي لابد من ذكرها في أخذ أجرة من المرضى مع جواز الأخذ كما سيأتي في الفتاوى فمنها:
1- حاجة كثير من الرقاة لأن أمر الرقية يعطل مصالح كثيرة فالراقي كقسم الطوارئ في المستشفيات ولكن مع الفرق ذلك أنه وحده في القسم.
2- الراقي ليس متسولاً أو شحاتاً لينتظر أعطاه فلان أو لم يعطه بل هو محسن للآخرين (يأتي المريض وهو مضطر محتاج ثم يرى أنه هو المتفضل على الراقي إن أعطاه شيئاً)
3- وضع الرسوم مهم جداً لأسباب وناقشت فيها بعض من لايطلب من المرضى وكانت كالآتي فى الجدول فى اسفل :
فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والى الرسول
أقول وبالله التوفيق ميزاننا شرعنا وكلام خالقنا وحديث نبينا عليه الصلاة والسلام فقد قال (إن أحق ماأخذتم عليه أجراً كتاب الله) البخاري(قد أصبتم واضربوا لي منها بسهم)فإذا كان أحق الناس بالأجر هو الراقي بل سماه أجر ولم يقل هدية أو هبة أو فضل بل أجر يعني أجرة ...ثم يأتي الزمان الذي يصبح فيه الراقي ليس له حق في الأجر وإلا أصبح متهماً في إخلاصه الذي لايعلمه إلا الله(أشققت عن قلبه)يأتي مدرس الدين ليأخذ الأجرة على تعليمه ودليله في ذلك حديث الرقية أما الراقي في نظر الناس لابد له أن يتورع ولا أدري أي ورع يفوق ورع الصحابة رضوان الله عليهم وورع رسول الله عليه الصلاة والسلام فقد كانوا يتمنون الطعام فبعد أن رقوا ذلك المريض كان نصيبهم ثلاثين وفي بعض الروايات مائة شاة أين الورع ؟ هل يستطيع أحد أن يقول لماذا لم يأخذوا اثنين أو خمسة من الغنم ويردوا الباقي أو لماذا لم يأمرهم نبيهم أن يردوا مازاد عن حاجتهم بل إنه أقرهم بل وطلب منها فقال اضربوا لي منها بسهم ليبين أنها حلال لاشبهة فيها وهو الذي كان لايلتقط التمرة الساقطة خشية أن تكون من مال صدقة
إخواني كل من يأخذ أجراً على صنعته وعمله الراقي أحق بالأجر منه بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطي مرة شاتين في قصة الغلام قال فأخذ واحدة ورد الأخرى فلماذا أخذ ولماذا لم يجعل ذلك لله كما يظن البعض والصحيح أن له أن يأخذ وله أن يطلب الأجر أو الجعل وهذه التي مافهمها أكثر الناس مافهموا الفرق بين الجعل والأجر الجعل أن تطلب شيئأً محدداً مقابل العمل الذي تنجزه ولا تستحق الأجر عليه إلا بإنجازه فإذا قلت أنا آخذ كذا مقابل أن يشفى أو بعد أن يشفى واشترطت فهذا لابأس فيه والوجه الآخر أخذ أجر معلوم وأجارة على الوقت الذي تقدمه في الرقية وهذا اجازه العلماء .جاء في سبل السلام للصنعاني ـ الأجرة ج2( وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ { إنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ } . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ )إلى أن قال وَذِكْرُ الْبُخَارِيُّ لِهَذِهِ الْقِصَّةِ فِي هَذَا الْبَابِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ الْأُجْرَةِ عَلَى التَّعْلِيمِ وَإِنَّمَا فِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ أَخْذِ الْعِوَضِ فِي مُقَابَلَةِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لِتَأْيِيدِ جَوَازِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ تَعْلِيمًا أَوْ غَيْرَهُ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ قِرَاءَتِهِ لِلتَّعْلِيمِ وَقِرَاءَتِهِ لِلطِّبِّ
أما كم يأخذ المعالج قليل أم كثير فأقول من هو الذي يحدد ؟ إن الذي يحدد صاحب الشأن وهو الراقي ولكن كم يأخذ عشرة أم مائة أم ألفاً نقول هو أدرى (حسب حاجته) ولايظن أحد أن الراقي لايساعد الناس ولكننا نستمع دوماً من طرف واحد ونستمع إلى الجانب المعاكس وهو (المتشكي بسب المال) هناك من المعالجين من يصرف علاجاً بالمجان يباع لغيره بستمائة ريال يصرف العسل والزيت والماء بالمجان لبعض من يرى أنه محتاج بل وينفق نقوداً مما يأخذه من بعضهم صدقة عنهم ثم إن أكثر الرقاة يحتاجون لمال ليستأجر به مكاناً للرقية أحدهم إستأجر مكاناً بسبعين ألف للسنة وآخر بأربعين ألفاً لماذا(لأنه لابد أن يكون بيتاً منفصلاً عن الناس من أجل المشاكل ودخول الناس وخروجهم وحتى لايزعج الناس ويروعهم مما يرون ولايستطيع الراقي أن يفصل لكل الناس حاجته أو أن يكتب قصته ثم إن عليه أن يعطي لمن يقوم بخدمته ومساعدته وصرف الدواء للمرضى وتنظيف المكان إلى غير ذلك من أمور ثم مسألة أخرى هي تفاوت الرقاة في العلاج فهناك رقاة قد لايأخذ أحدهم شيئاً ولكنه يخرج ذلك من ثمن العلاج فقد يكون تكلفة العلاج بمائة ريال ويبيعه بستمائة ريال أو أكثر ولاأبالغ فهنا نقول له الأفضل أن تضع رسوماً وأجرة على قراءتك ولاتبع العلاج بهذه المكاسب وهناك رقاة لايأخذون شيئاً ولكنه إذا قرأ لايزيد عن خمس دقائق وهناك رقاة يأخذون أجرة على قراءتهم ولكنهم يعطون الحالة حاجتها ومع ذلك يراعون حالة بعض المرضى الذين تشق عليهم أجرة الراقي ثم إن الرقاة يتفاوتون في علمهم وعلاجهم فإذا وجد من الرقاة الأكفاء من يطلب الأجر فلابأس ألا ترون إلى الطبيب الإستشاري كم يطلب ! مقابل ماذا مقابل أن ينظر في الفحوصات ثم يقول نعم أو لا ولا ينكر أحد على ذلك لخبرته ثم إنا لم نسمع أحداً يقول لطبيب أو مدرس أومهندس أومدير لم تأخذ أجرة على عملك أو إعمل ابتغاء الأجر من الله فلماذا نقول ذلك للراقي
التفرغ للرقية وامتهانها
عنوان قد لايعجب الكثير وخاصة من عافاهم الله أو من لايعلم واقع مايجري في العالم من انتشار السحرة وقد يقول قائل ماالحاجة لفتح دور للرقية مع أن بعض العلماء تفطنوا لما يجري فها نحن كل يوم نسمع عن القبض على ساحر أو ساحرة أو مشعوذ - وبعض الغيورين على السنة جزاهم الله خيراً ونحن على نهجهم يرون أن الصحابة لم يتفرغوا لهذه الأمور كما يحدث في هذا الزمان
فأقول باتت الحاجة ماسة فتح دور الرقية وتقنينها والتفرغ لهذا من أهل الإختصاص ودعمهم لأمور 1- كثرة السحرة وانتشارهم بخلاف ماكان زمن الصحابة فقد ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه كتب إلى أمراء الأجناد أن يقتلوا كل من وجدوا من السحرة ، حتى يتقي شرهم ، قال أبو عثمان النهدي : ( فقتلنا ثلاث سواحر ) ، هكذا جاء في صحيح البخاري عن بجالة بن عبدة – [رواه أبو داود بإسناد صحيح وأصله في "البخاري"] ثلاث سحرة في بلاد الإسلام فكيف إذا كان في مدينة واحدة كجدة مثلاً أو مكة آلاف السحرة من البلاد ومن خارج البلاد
2- إن أبناء المسلمين يتعلمون السحر الآن حتى في المدارس المتوسطة تضبط كتب السحر الكبيرة
3- كثير من المسلمين قد وقع عبر القنوات في الكهانة والعرافة وتعلم السحر نساء ورجالاً
4- كثرة المصابين سواء بأمراض روحية أو عضوية
5- البديل للجوء الناس للسحرة يستوجب وجود أماكن للعلاج الشرعي فبدل أن يتجه المريض لساحر يتجه لراقي شرعي
6- لابد من التفرغ حتى يضبط الأمر (فكم من المرضى يتجه لغير المتفرغين من الخيرين فيعتذر منه بإنشغاله في عمله أو دراسته أو تجارته).
7- قلة من يرقي وقلة المتمرسين في الرقية (فمثلاً 30 راقياً منهم 10 متمرسين هل يكفون لتغطية منطقة يعمرها 5 ملايين نسمة.
8- لجوء كثير من الناس للتداوي بالقرآن سواء كان مرضاً روحياً(عين سحر مس ) أو كان مرضاً عضوياً (سرطان شلل صرع ونحوه) وخاصة بعد أن وجدوا نتائج عظيمة.
9- كيف يكون الراقي متمرساً إذا لم يتفرغ وكيف يكتسب الخبرة إذا لم يتفرغ .
10- لابد من التفرغ مقارنة لتفرغ الكثير للطب ومع ذلك لم يغطوا احتياجات المرضى.
11- فتاوى العلماء وعدم إنكارهم على الرقاة .
أقوال العلماء
أولاً الفرق بين أجرة الراقي ومعلم القرآن والداعية
الفتاوى الكبرى ابن تيمية الجزء الخامس –الأجرة
وَيَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ الْأُجْرَةَ عَلَى تَعْلِيمِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَنَحْوِهِمَا إنْ كَانَ مُحْتَاجًا وَهُوَ وَجْهٌ فِي الْمَذْهَبِ , وَلَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَإِهْدَائِهَا إلَى الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْإِذْنُ فِي ذَلِكَ . وَقَدْ قَالَ الْعُلَمَاءُ إنَّ الْقَارِئَ إذَا قَرَأَ لِأَجْلِ الْمَالِ فَلَا ثَوَابَ لَهُ , فَأَيُّ شَيْءٍ يُهْدَى إلَى الْمَيِّتِ وَإِنَّمَا يَصِلُ إلَى الْمَيِّتِ الْعَمَلُ الصَّالِحُ , وَالِاسْتِئْجَارُ عَلَى مُجَرَّدِ التِّلَاوَةِ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ , وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى التَّعْلِيمِ وَلَا بَأْسَ بِجَوَازِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى الرُّقْيَةِ وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ .
أنوار البروق في أنواع الفروق ـ القرافي المالكي / ج4 مايملك بالإجارات
وَاتَّفَقُوا عَلَى إبْطَالِ كُلِّ مَنْفَعَةٍ كَانَتْ فَرْضَ عَيْنٍ عَلَى الْإِنْسَانِ بِالشَّرْعِ مِثْلُ الصَّلَاةِ , وَغَيْرِهَا , وَاخْتَلَفُوا فِي إجَارَةِ الْمُؤَذِّنِ عَلَى الْأَذَانِ فَقَوْمٌ لَمْ يَرَوْا فِيهِ بَأْسًا , وَقَوْمٌ كَرِهُوا ذَلِكَ مُحْتَجِّينَ بِمَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم { اتَّخِذُوا مُؤَذِّنًا لَا يَتَّخِذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا } وَالْمُبِيحُونَ قَاسُوهُ عَلَى الْأَفْعَالِ غَيْرِ الْوَاجِبَةِ , وَهَذَا هُوَ سَبَبُ الِاخْتِلَافِ فِي أَنَّهُ هَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَمْ لَيْسَ بِوَاجِبٍ , وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ فَأَجَازَهُ قَوْمٌ مُحْتَجِّينَ بِمَا رُوِيَ عَنْ { خَارِجَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ عَمِّهِ قَالَ أَقْبَلْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَيْنَا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَقَالُوا إنَّكُمْ جِئْتُمْ مِنْ عِنْدِ هَذَا الْحَبْرِ فَهَلْ عِنْدَكُمْ دَوَاءٌ أَوْ رُقْيَةٌ فَإِنَّ عِنْدَنَا مَعْتُوهًا فِي الْقُيُودِ فَقُلْنَا لَهُمْ نَعَمْ فَجَاءُوا بِهِ فَجَعَلْت أَقْرَأُ عَلَيْهِ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً أَجْمَعُ بُزَاقِي ثُمَّ أَتْفُلُ عَلَيْهِ فَكَأَنَّمَا نَشِطَ مِنْ عِقَالٍ فَأَعْطَوْنِي جُعَلًا فَقُلْت : لَا حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْته فَقَالَ كُلْ لَعَمْرِي مَنْ أَكَلَ بِرُقْيَةِ بَاطِلٍ فَلَقَدْ أَكَلْت بِرُقْيَةِ حَقٍّ } , وَبِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ { أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانُوا فِي غَزَاةٍ فَمَرُّوا بِحَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَقَالُوا هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ رَاقٍ فَإِنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ قَدْ لُدِغَ أَوْ قَدْ عَرَضَ لَهُ قَالَ فَرَقَى رَجُلٌ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَبَرِئَ فَأُعْطِيَ قَطِيعًا مِنْ الْغَنَمِ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ بِمَ رَقَيْته قَالَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ قَالَ وَمَا يُدْرِيك أَنَّهَا رُقْيَةٌ قَالَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خُذُوهَا وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ فِيهَا بِسَهْمٍ } . وَكَرِهُوهُ أَيْ حَرَّمَهُ قَوْمٌ آخَرُونَ قَائِلِينَ هُوَ مِنْ بَابِ الْجُعْلِ عَلَى تَعْلِيمِ الصَّلَاةِ قَالُوا وَلَمْ يَكُنْ الْجُعْلُ الْمَذْكُورُ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ , وَإِنَّمَا كَانَ عَلَى الرَّقْيِ وَالِاسْتِئْجَارِ , وَالرَّقْيُ عِنْدَنَا جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ بِالْقُرْآنِ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ كَالْعِلَاجَاتِ , وَلَيْسَ وَاجِبًا عَلَى النَّاسِ , وَأَمَّا تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى النَّاسِ ا هـ بِتَصَرُّفٍ فَافْهَمْ